الإسلام نظام كامل للحياة:
ليس الإسلام ديناً يحصر فعاليته في نطاق الحياة الفردية للإنسان
كما هي الصورة المشوهة عنه في أذهان الكثيرين؛ بل هو نظام
كامل للحياة البشرية في مختلف ميادينها يرسم الطريق لكل جوانبها،
سواء في ذلك حياة الفرد أو الجماعة، وفي جانبيها المادي والروحي،
وفي مجالاتها الاقتصادية والسياسية والتشريعية والثقافية والإقليمية
والعالمية.
والقرآن يحض الناس على الدخول في الإسلام دون أدنى قيد أو شرط إلا
أن يقيموا أمر الله في جميع نواحي حياتهم.
ولكن الناس انحرفوا عن سواء السبيل، وما كان أشقاهم وأتعسهم حين
اختاروا لأنفسهم أن يحصروا هذا النظام الشامل، فلم يأخذوا به إلا
في نطاق الحياة الخاصة للفرد متجاهلين الحكمة الإلهية والنور الرباني
فيما أعطاهم من تعاليم تنظم مجتمعهم وثقافتهم.
وما نعتقد أن هناك عاملاً آخر أهم من هذا في أسباب الانحلال الديني في
العصر الحديث، حيث عاد الناس القهقرى بدينهم وحصروه في هذا الحيز
الضيق في الحياة الخاصة.
والإسلام ينفي بتاتاً مثل هذا التصور والاعتقاد، ويؤكد بوضوح أنه يهدف
إلى تنقية الروح وإعادة بناء المجتمع على أساس قويم. يقول الحق سبحانه:
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ
بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ
وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز ٌ} [الحديد: 25].
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته،
الإمام راع مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة
راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول
عن رعيته، فكلكم راع ومسئول عن رعيه ) متفق عليه.
وما أظن أحداً بحاجة إلى دراسة عميقة لتعاليم الإسلام ليدرك أنه دين شامل
ينتظم جميع مجالات الحياة الإنسانية، ولا يدع أي ناحية فيها لتتسرب إليها
قوى الشر الشيطانية.